فصل: استلاء طاهر على البلاد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أمر عبد الملك بن صالح وموته.

قد تقدم لنا حبس عبد الملك بن صالح إلى أن مات الرشيد وأخرجه الأمين ولما كان أمر طاهر جاء عبد الملك إلى الأمين وأشار عليه بأن يقدم أهل الشام لحربه فهم أجرأ من أهل العراق وأعظم نكاية في العدو وضمن طاعتهم بذلك فولاه الأمين أهل الشام والجزيرة وقر له بالمال والرجال واستحثه فسار إلى الرقة وكاتب أهل الشام فتسالموا إليه فأكرمهم وخلع عليهم وكثرت جموعه ثم مرض واشتد مرضه ووقعت فتنة في عسكره بين الخراسانيين وأهل الشام بسبب دابة أخذت لبعضهم في وقعة سليمان بن أبي جعفر وعرفها عند أهل الشام فقتتلوا وأرسل إليهم عبد الملك بالقتل فلم يقتلوا وكثر القتل وأظهر عبد الملك النضرة للشاميين وانتقض الحسين ابن علي للخراسانيين وتنادى الناس بالرجوع إلى بلادهم فمضى أهل حمص وقبائل كلب فانهزم أهل الشام وأقام عبد الملك بن صالح بالرقة توفي بها.

.خلع الأمين وأعادته.

ولما مات عبد الملك بن صالح نادى الحسين بن علي في الجند بالرحيل إلى بغداد وقدمها فلقيه القواد ووجوه الناس ودخل منزله واستدعاه الأمين من جوف الليل فامتنع وأصبح فوافى باب الجسر وأغراهم بخلع الأمين وحذرهم من نكثة ثم أمرهم بعبور الجسر فعبروا ولقيه أصحاب الأمين فانهزموا ذلك منتصف رجب سنة ست وأخذ البيعة للمأمون من الغد ووثب العباس بن عيسى بن موسى بالأمين فأخرجه من قصر الخلد وحبسه بقصر المنصور ومعه أمه زبيدة فلما كان من الغد طلب الناس أرزاقهم من الحسين وماج بعضهم في بعض وقام محمد بن أبي خالد فنكر استداد الحسين بخلع الأمين وليس بذي منزلة ولا حسب ولا نسب ولا غنائم وقال أسد الحربي قد ذهب أقوام بخلع الأمين فاذهبوا أنتم بفكه يا معشر الحربية فرجع الناس على أنفسهم باللائمة وقالوا ما قتل قوم خليفتهم إلا سلط الله عليهم السيف ثم نهضوا إلى الحسين وتبعهم أهل الأرض فقاتلوه قتالا شديدا وأسروه ودخل أسد الحربي إلى الأمين وكسر قيوده وأجلسه على أريكته وأمرهم الأمين بلبس السلاح فانتهبه الغوغاء وجيء بالحسين إليه أسيرا فاعتذر إليه وأطلقهم وأمره بجمع الجند والمسير إلى طاهر وخلع عليه ما وراء بابه ووقف الناس يهنئونه بباب الجسر حتى إذا خف عنه الناس قطع الجسر وهرب وركب الجند في طلبه وأدركوه على فرسخ من بغداد وقتلوه وجاؤا برأسه إلى الأمين واختفى الفضل بن الربيع عند ذلك فلم يوقف له على خبر.

.استلاء طاهر على البلاد.

ولما جاء كتاب المأمون بالمسير إلى الأهواز قدم إليها الحسين بن عمر الرستمي وسار في أثره وأتته عيونه بأن محمد بن يزيد بن حاتم قد توجه من قبل الأمين في جند ليحمي الأهواز من أصحابه طاهر فبعث من أصحابه محمد بن طالوت ومحمد بن العلاء والعباس بن بخارا خذاه مددا للرستمي ثم أمدهم بقريش بن شبل ثم سار بنفسه حتى كان قريبا منهم وأشرفوا على محمد بن يزيد مكرم وقد أشار إليه أصحابه بالرجوع إلى الأهواز والتحصن بها حتى تأتيه قومه الأزد من البصرة فرجع طاهر قريش شبل باتباعه قبل أن يتحصن بالأهواز فخرج لذلك وفاته محمد بن يزيد إلى الأهواز وجاء على أثره فاقتتلوا قتالا شديدا وفر أصحاب محمد واستمات هو ومواليه حتى قتلوا وملك طاهر الأهواز وولى على اليمامة والبحرين وعمان ثم سار إلى واسط وبها السندي بن يحيى الحريشي والهيثم بن شعبة خليفة خزيمة بن حازم فهربا عنها وملكها طاهر وبعث قائدا من قواده إلى الكوفة وبها العباس بن الهادي فخلع الأمين وبايع للمأمون وكتب بذلك إلى طاهر فعل المنصور بن المهدي بالبصرة والمطلب بن عبد الله بن مالك بالموصل وأقرهم طاهر على أعمالهم وبعث الحرث بن هشام وداود بن موسى إلى قصر ابن هبيرة وأقام بجرجابا ولما بلغ الخبر بذلك إلى الأمين بعث محمد بن سليمان القائد ومحمد بن حماد البربري إلى قصر ابن هبيرة فقاتلهم الحرث وداود قتالا شديدا وهزموهم إلى بغداد وبعث الأمين أيضا الفضل بن موسى على الكوفة فبعث إليه طاهر بن العلاء في جيش فلقيه في طريقه فأراد مسالمته بطاعة المأمون كيادا ثم قاتله فانهزم إلى بغداد ثم سار طاهر إلى المدائن وعليها البرمكي والمدد متصل له كل يوم فقدم قريش بن شبل فلما أشرف عليهم وأخذ البرمكي في التعبية فكانت لا يتم له فأطلق سبيل الناس وركب بعضهم بعضا نحو بغداد وملك طاهر لمدائن ونواحيها ثم نزل صرصر وعقد بها جسرا.